من الادعيه
يَا رَبُّ، أَنْتَ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ تَعْرِفُنِي فِي وَقْتِ رَاحَتِي، وَفِي
وَقْتِ عَمَلِي. أَنْتَ تَعْرِفُ أَفْكَارِي مِنْ بَعِيدٍ. أَنْتَ تُرَاقِبُ سَفَرِي وَإِقَامَتِي، وَتَعْرِفُ كُلَّ الطُّرُقِ الَّتِي أَسِيرُ فِيهَا. قَبْلَ مَا أَتَكَلَّمُ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ مَا سَأَقُولُهُ يَا رَبُّ. أَنْتَ تَحْرُسُنِي مِنْ وَرَاءٍ وَمِنْ قُدَّامٍ، وَجَعَلْتَ يَدَكَ فَوْقِي. مَعْرِفَتُكَ هَذِهِ مَا أَعْجَبَهَا! إِنَّهَا فَوْقَ إِدْرَاكِي، لَا أَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ إِلَيْهَا. إِلَى أَيْنَ أَهْرُبُ مِنْ رُوحِكَ؟ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ مَحْضَرِكَ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ! وَإِنْ فَرَشْتُ لِنَفْسِي فِي عَالَمِ الْمَوْتَى، فَأَنْتَ هُنَاكَ أَيْضًا! لَوْ كَانَتْ لِي أَجْنِحَةٌ وَطِرْتُ إِلَى آخِرِ الْأَرْضِ مِنَ الشَّرْقِ، أَوْ إِنْ سَكَنْتُ فِي آخِرِ الْبَحْرِ مِنَ الْغَرْبِ، فَهُنَاكَ أَيْضًا يَدُكَ تَهْدِينِي وَيَمِينُكَ تُمْسِكُنِي. إِنْ قُلْتُ فِي نَفْسِي: ”رُبَّمَا الظَّلَامُ يَحْجُبُنِي، وَالنُّورُ الَّذِي حَوْلِي يَصِيرُ لَيْلًا.“ لَكِنَّ الظَّلَامَ لَا يَحْجُبُ عَنْكَ شَيْئًا، وَاللَّيْلَ يُضِيءُ كَالنَّهَارِ، فَالظَّلَامُ عِنْدَكَ كَالنُّورِ.
أَنْتَ خَلَقْتَ تَرْكِيبِيَ الدَّاخِلِيَّ، صَنَعْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ لِأَنَّكَ خَلَقْتَنِي بِطَرِيقَةٍ رَائِعَةٍ وَبَدِيعَةٍ. كُلُّ أَعْمَالِكَ عَجِيبَةٌ. وَأَنَا أَعْلَمُ هَذَا تَمَامًا. لَمْ يَكُنْ كِيَانِي مَخْفِيًّا عَنْكَ، لَمَّا صُنِعْتُ فِي رَحِمِ أُمِّي، وَتَكَوَّنْتُ فِي الْخَفَاءِ. رَأَتْنِي عَيْنَاكَ وَأَنَا جَنِينٌ. كَتَبْتَ أَيَّامِي كُلَّهَا فِي كِتَابِكَ وَحَدَّدْتَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَبْدَأَ. اللَّهُمَّ أَفْكَارُكَ بِشَأْنِي ثَمِينَةٌ، مَا أَكْثَرَهَا! إِنْ حَاوَلْتُ أَنْ أَعُدَّهَا، فَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الرَّمْلِ. حِينَ أَتَيَقَّظُ، أَجِدُ نَفْسِي مَا زِلْتُ مَعَكَ. اللَّهُمَّ لَيْتَكَ تَقْتُلُ الْأَشْرَارَ، اُبْعُدُوا عَنِّي يَا مَنْ تَسْفِكُونَ الدَّمَ! إِنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْكَ بِالشَّرِّ وَيَعْبَثُونَ بِاسْمِكَ. يَا رَبُّ إِنِّي أَكْرَهُ الَّذِينَ يَكْرَهُونَكَ، وَأُبْغِضُ الَّذِينَ يُقَاوِمُونَكَ. أَكْرَهُهُمْ جِدًّا وَأَعْتَبِرُهُمْ أَعْدَائِي. اللَّهُمَّ اخْتَبِرْنِي وَاعْرِفْ قَلْبِي، اِمْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقُ سُوءٍ، وَاهْدِنِي فِي طَرِيقِ الْخُلُودِ.
– وحى الله لداود النبي من الزابور –